دليل الأفلام

AR EN

تمهيد

في إطار جهود وزارة الثقافة الفلسطينية في دعم تطوّر صناعة الفيلم وحماية الإرث السينمائي الفلسطيني، وكجزء من شراكتنا مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ‏(اليونسكو) وبدعم من الاتحاد الأوروبي، يسعدنا إطلاق "دليل الأفلام الفلسطينية"، الذي يشمل معظم الإنتاجات السينمائية الفلسطينية المنجَزَة لتاريخه، ضمن منهجية البحث والأطر والمعايير الدولية المحددة لجنسية الفيلم، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الفيلم الفلسطيني والسياق الفلسطيني.

يأتي هذا الدليل في سياق إيجاد آلية مستدامة لجمع ورصد المنجز السينمائي، انطلاقًا من إيماننا بأهمية التجربة السينمائية الفلسطينية وخصوصيتها على الصعيد الوطني والعالمي، وضرورة حفظها والبناء عليها كجزء من الإرث السينمائي الفلسطيني والإنساني.

يعدّ فن السينما أو صناعة الفيلم في فلسطين، تقليدًا ووسيطًا فنيًّا متداولًا منذ بدايات القرن العشرين، استخدمه الجيل الأول كوسيلة ليتحكّم بنقل صورته وسرديّته وتمثيلاته في ظل انتداب خانق واحتلال فتّاك وقع بفعل النكبة على الشعب الفلسطيني منذ 1948. حملت الأجيال المتعاقبة من صنّاع الأفلام ذلك التقليد، وعملت على تطويره والتمكّن من أدواته صناعةً وفنًّا، رغم جميع التحديات والعقبات التي فرضها الواقع الجيوسياسي على الكلّ الفلسطيني.

فرغم حيوية وزخم المشهد الثقافي الفلسطيني وتنوّعه بحكم تنوّع نسيجه الاجتماعي والثقافي في فترة ما قبل النكبة، إلا أنه تعرّض لانقطاع مفاجئ بجميع أطيافه وملامحه إثر الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وتشتيت وتهجير أهلها القسري. والذي قطع بدوره إمكانيات التطوّر الطبيعي لأي شكل من أشكال الفنون نظرًا لانعدام حالة الاستقرار، أو إمكانيات استثمار الدولة المادية وغير المادية.

بين النكبة (1948) والنكسة (1967) تعرض الشعب الفلسطيني لأكبر كارثة إنسانيّة بتبعاتها السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والفكريّة، وكان وقع الصدمة الجمعية ثقيلًا على جميع أطياف المجتمع، وقد انعكست بطبيعة الحال على كلّ مبدع وفنان فلسطيني.

إلا أن ذلك لم يثنِ السينمائيين الفلسطينيين بعد فترة صمت نسبية (1948-1967) من استخدام وسيط السينما كأداة من أدوات تعبيره وفعله المقاوم ضدّ طمس هويته وتشويه روايته وسرقة تاريخه، والذي بدأ تسجيلًا وتوثيقًا، لربما كنِتاجٍ طبيعي لحالة الفقدان والخسارة، ويتطوّر تدريجيًّا كفعلٍ مقاومٍ مناهض للاستعمار والإمبريالية مواكبًا لانطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965 لتتجسد بـ "سينما الثورة الفلسطينية".

لعبت "سينما الثورة الفلسطينية" (1968-1982) دورًا رئيسًا في حمل القضية الفلسطينية ونقل صورة الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ومخيمات اللجوء إلى العالم، وكانت وسيلةً للمقاومة والبقاء والتواصل الفلسطيني- الفلسطيني ومع العالم الخارجي، وشكّلت منصةً ومنبرًا للتعريف بالقضية وتطلّعات الشعب الفلسطيني ووسيلة لحفظ روايته التاريخيّة والردّ على مزاعم الاحتلال.

مع العام 1980 لتاريخه، وبدايات "السينما الفلسطينية الجديدة" بحسب الناقد الفلسطيني الراحل بشار إبراهيم، شهدت المرحلة تنوّعًا ملموسًا بالشكل والأسلوب، والذي يأتي كانعكاس طبيعي للواقع الجيوسياسي الفلسطيني والجغرافيات المختلفة في الوطن والشتات، وتطورًا فنيًّا وتقنيًّا ملحوظًا بحكم زيادة منسوب الاحتراف والاختصاص المهني/ الفني أو الأكاديمي لدى الأفراد المبدعين في المجال. حيث يمكن رصد نقلات نوعية لصنّاع الأفلام المخضرمين، بالإضافة إلى تصاعد في عدد المواهب الشابة التي تعمل على التجديد والابتكار والبحث في لغتها السينمائية الخاصة.

كما حققت السينما الفلسطينية خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًّا مقارنة بتاريخ سينما الشعوب، حضورًا واسعًا على المستوى الإقليمي والدولي، ولعبت دورًا حيويًّا وهامًّا في المشهد الثقافي الفلسطيني والمشهد السينمائي العالمي. حيث وصلت أعمال وأسماء فلسطينية إلى أهم المهرجانات والمنصات العالمية بفعل منجزها الإبداعي في مجال السينما.

أخيرًا، تبقى السينما الفلسطينية بجميع مراحلها، جزءًا أصيلًا من السردية الفلسطينية، وقد ساهمت في حفظ الذاكرة الوطنية وتعزيز الثقافة والهوية. إلى جانب دورها في التصدي لجميع محاولات طمس الوجود الفلسطيني لشعبٍ ما زال يقارع الاحتلال في جميع تفاصيله الحياتية، إن كان في الوطن أم الشتات.

 

تنويه: محتوى الأفلام المدرجة في الدليل يعبر عن آراء المؤلف/المخرج، وليس عن آراء أو توجهات وزارة الثقافة الفلسطينية