يسعى هذا المشروع إلى إطلاق دليل الأفلام الفلسطينية، من خلال البحث في مجموعة متنوعة من جهود صناعة الأفلام الفلسطينية المنبثقة خلال فترات مختلفة وعبر المناطق الجغرافية: الشتات؛ الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948؛ والأراضي الفلسطينية المحتلة في قطاع غزة والضفة الغربية. حيث نستكشف بعض الفروقات المحتملة التي تحملها السينما الفلسطينية اليوم حول مسألة ما الذي يشكل فيلمًا فلسطينيًّا، ونلقي نظرة على تطور الإنتاجات السينمائية خلال العقدين الماضيين.
في السياق الفلسطيني، يتم استخدام الفيلم لعدة أهداف دائمة التغير، من أبرزها صناعة الأفلام كأداة من أدوات مقاومة الهيمنة الاستعمارية الإسرائيلية على فلسطين. هذا لا يعني بالضرورة بأن جميع الأفلام أو مخرِجي الأفلام يلجأون إلى السينما أو يصنعون أفلامًا بدوافع سياسية، ولا أن هذا هو ما يجب أن يكون عليه الحال، ولكن بالأحرى الإقرار بأن السياسة وصناعة الفيلم في هذا السياق الخاص لا يمكن فصلهما.
وفي هذا الجهد الناشئ، ومن خلال دراسة الأنماط المختلفة من الأفلام الفلسطينية وجدنا أن هذه الأفلام لا تحمل رفاهية تصنيفها إلى أفلام سياسية وغير سياسية، كون أن عملية إنتاج الفيلم بحد ذاتها في السياق الفلسطيني، أو حول فلسطين هي فعل سياسي. لذلك، فإن تسييس السينما الفلسطينية عند تناول هويتها وتمويلها وإنتاجها هو جزء لا يتجزأ من النظرية والممارسة في هذا الشكل الفني.
بالرغم من وجود جهود لصناعة الأفلام سبقت تشتت المجتمع الفلسطيني إثر النكبة عام 1948، مثل أعمال إبراهيم حسن سرحان، وجمال الأصفر، أو حتى للأخوين لاما، تشيليي المولد ومقرهما الإسكندرية، فقد سعينا لبدء هذا الدليل من مرحلة ما بعد النكبة. السبب من وراء هذا القرار هو تركيزنا على الأفلام الموجودة والمتاحة إلى حد ما والتي تم تحديدها وتعريفها في إطار النصوص التاريخية أو المختصة حول السينما الفلسطينية، وتلك التي تشمل بيانات كافية حول كل إنتاج سينمائي. لا يأتي هذا القرار لتمجيد أو للقبول بما هو متاح، حيث نعترف بأن ظروفًا متنوعة أدت إلى غياب ونهب وتدمير الأعمال السينمائية التاريخية القيمة للغاية. ومع ذلك، فإن بعض هذه الأفلام تقع خارج نطاق وإمكانيات المشروع الحالي.
ما بين النكبة والنكسة (1948-1967)، لم يُنتَج سوى القليل من الأفلام الفلسطينية. حيث تم وصف هذه الفترة من قبل العديد من الباحثين ومؤرخي السينما بـ "عصر الصمت"، في إشارة إلى الصدمة الجمعية التي عانى منها جميع أطياف المجتمع الفلسطيني، ماديًا وعاطفيًا. بعد هذه الفترة الطويلة المصنفة بالصمت أو عدم القدرة على الإنتاج، ولدت مقاربة ثورية جديدة للسينما تحت رعاية منظمة التحرير الفلسطينية، وفي خدمة النضال ضد جميع أنواع الاستعمار. تعرف الأفلام التي تم إنتاجها ضمن هذا الإطار المناهض للاستعمار والتحرري بـ "أفلام الثورة" (1968-1982). شكلت هذه الأفلام البداية الثانية للسينما الفلسطينية، وهي لا تزال مهمة من حيث طريقة تجسيد وتمثيل صورة وحياة الفلسطينيين.
المرحلة الثانية والتي أعقبت فترة الثورة، حيث سعت معظم الأفلام في تلك الفترة للذهاب إلى ما وراء قضية النضال من أجل التحرر والخوض في التجارب الإنسانية والحياتية الفلسطينية ، بلغة سينمائية أكثر تعمدًا وتطورًا. نشير إلى هذه الفترة بـ مرحلة "ما قبل السلطة الوطنية الفلسطينية" (1980-1993). كانت الأفلام التي تم إنتاجها في هذه الفترة في الغالب من إخراج صانعي أفلام ذكور تلقوا تعليمهم أو أقاموا في الخارج، لكنهم عادوا إلى فلسطين بمزيج من الأساليب التي تجسدت في ممارساتهم. قدمت هذه الأفلام لمحة جديدة عن تعقيدات الحياة الأسرية الفلسطينية والمجتمع والتقاليد تحت الاستعمار بحرفية سينمائية متميزة. من مخرِجي وكان من مخرجي الأفلام المعرّفين في هذه المرحلة ميشيل خليفة ومي مصري ورشيد مشهراوي وأوائل أعمال إيليا سليمان.
تقع المرحلة الثالثة والأخيرة التي يغطيها هذا الدليل في الأزمنة المعاصرة في فلسطين والتي نشير إليها بمرحلة "ما بعد السلطة الوطنية الفلسطينية" (1994 - لتاريخه)، حيث تتسرب السياسات الجديدة إلى عالم السينما الفلسطينية، والتي حددها الواقع المادي الجيوسياسي الجديد. وتشمل هذه الفترة أكبر قدر من الأعمال السينمائية، والتي تتسم بمعالجات أكثر جرأة للسينما تغطى خلالها مجموعة واسعة من القضايا وتخلط بين العديد من الأنماط والأساليب. وأبرز ما يميز هذه الفترة هو عمل صانعات أفلام نساء على خلق مساحة لأنفسهن في مجال يهيمن عليه الرجال في الأكثر، ليمثلن غالبية بارزة من مخرِجي الأفلام الفلسطينيين.
أخيرًا، في هذا المشروع، تم اتباع القواعد الدولية المحددة لهوية الفيلم بشكل أساسي، إضافة إلى الأطر السينمائية الخاصة بعملية إنتاج وتوزيع الفيلم.
معايير البحث الخاصة بالدليل هي التالية:
منهجية المشروع
يشمل هذا المشروع إطلاق: النسخة المطبوعة الأولية بالإضافة إلى منصة إلكترونية يتم تحديثها وتنشيطها بشكل دوري من خلال دعوة أصحاب الأفلام والباحثين السينمائيين للمشاركة الفعالة في هذا الجهد المزدهر
لغاية تطوير قاعدة بيانات وطنية شاملة للإنجازات السينمائية الفلسطينية.
* تنويه: هذا ليس دليلًا شاملًا للأفلام الفلسطينية، ولا يطمح أن يكون كذلك. اعتمدت عملية جمع ومسح البيانات حول الأفلام المدرجة اعتمادًا كبيرًا على ما هو متوفر عبر الإنترنت، وما تم رصده في كتالوجات المهرجانات المعرفة، والمنصات المختصة في الإنتاجات السينمائية، و/أو تعاون الأشخاص الرئيسيين المعنيين الذين ساهموا في إغناء بحثنا. هذا الدليل هو مجرد دعوة - مبادرة - لجهد جماعي أكبر في إنشاء دليل فلسطيني للأفلام يمثل مجموعة متنوعة وواسعة من الأفلام التي تخرج من فلسطين والتجارب الفلسطينية.